09أبريل

تُعدّ مشاركة وإشراك الموظفين من العوامل الحاسمة في نجاح المنظمات الحديثة، حيث تسهم بشكل كبير في تحسين الأداء التنظيمي وتعزيز بيئة العمل الإيجابية. يعتمد نجاح المنظمات على تمكين الموظفين من التعبير عن آرائهم والمشاركة في اتخاذ القرارات، مما يعزز شعورهم بالانتماء ويزيد من تفاعلهم. في هذا المقال، سنتناول الفرق بين “مشاركة الموظفين” و “إشراكهم”، بالإضافة إلى تأثير صوت الموظف على الأداء التنظيمي.

أولاً: الفرق بين مشاركة الموظفين وإشراكهم

مشاركة الموظفين (Employee Participation)

تتمثل “مشاركة الموظفين” في إتاحة الفرصة لهم للمساهمة في عمليات اتخاذ القرارات داخل المنظمة، ويتم ذلك عادًة من خلال أساليب رسمية ومنظمة مثل المجالس العمالية، اللجان المشتركة، والاستطلاعات، حيث يتم أخذ آراء الموظفين بعين الاعتبار عند اتخاذ القرارات الاستراتيجية، وتعد هذه المشاركة وسيلًة لتحفيز الموظفين على تقديم رؤاهم ومعارفهم حول التحديات والفرص داخل المنظمة لكونهم جزء منها.

فوائد مشاركة الموظفين:

• تحسين جودة القرارات عبر الاستفادة من خبرات الموظفين المتنوعة.
• زيادة الرضا الوظيفي نتيجة لشعور الموظفين بأن لمساهماتهم تأثير حقيقي.
• دعم ثقافة الشفافية والعدالة التنظيمية من خلال إشراك الموظفين في الحوكمة واتخاذ القرارات.

إشراك الموظفين (Employee Involvement)

يُركز مفهوم ” إشراك الموظفين” على تعزيز التفاعل والمشاركة الفعالة، لكنه لا يشمل منح الموظفين سلطة رسمية في اتخاذ القرارات، ويتضمن ذلك تحفيز الموظفين على تقديم الأفكار والملاحظات من خلال وسائل غير رسمية مثل صناديق الاقتراحات، جلسات العصف الذهني، والاستطلاعات المفتوحة.

فوائد إشراك الموظفين:

• تعزيز التعاون بين الموظفين وأصحاب العمل.
• تحسين المعنويات العامة وزيادة الحماس والإبداع.
• خلق بيئة تحفيزية يشعر فيها الموظفون بالتقدير حتى في غياب تأثيرهم المباشر على القرارات.

الفرق الجوهري بين المفهومين:

• مشاركة الموظفين: أكثر رسمية وتنظيم، ويتمحور حول المشاركة الفاعلة في اتخاذ القرارات الاستراتيجية، مثل التصويت على تغييرات السياسات.
• إشراك الموظفين: أكثر مرونة، يتم العمل به بلا رسمية، ويركز على التفاعل وتقديم التغذية الراجعة دون التأثير المباشر على القرارات.

ثانيًا: تأثير صوت الموظف على الأداء التنظيمي

يشير “صوت الموظف” إلى قدرة الموظفين على التعبير عن آرائهم وأفكارهم داخل المنظمة، ويُعتبر عاملاً حاسمًا مؤثرًا بشكل مباشر على الأداء التنظيمي، حيث يعزز الإنتاجية ويزيد من ولاء الموظفين واستقرارهم داخل المنظمة.

إيجابيات صوت الموظف في الأداء التنظيمي:

• تحسين جودة القرارات: عندما تُؤخذ آراء الموظفين في الحسبان، تصبح القرارات أكثر شمولية وتراعي جميع جوانب العمل، مما يقلل من سوء الفهم وسوء التواصل مع القيادة.
• زيادة التحفيز والإنتاجية: يشعر الموظفون بأنهم جزء من المنظمة عندما تُؤخذ آراؤهم بعين الاعتبار، مما يعزز من التزامهم وتحفيزهم، وبالتالي يتحسن الأداء التنظيمي.
• تعزيز ثقافة الابتكار: توفير مساحة للموظفين لطرح أفكارهم يعزز من التفكير الإبداعي والابتكار في تطوير المنتجات والخدمات وتحسين العمليات.
• تقليل معدل دوران الموظفين: عندما يشعر الموظفون بأن أصواتهم مسموعة، يصبحون أقل ميلاً للبحث عن فرص عمل أخرى، مما يقلل من تكاليف التوظيف والتدريب.

سلبيات صوت الموظف في الأداء التنظيمي:

• إبطاء عملية اتخاذ القرار: قد تؤدي كثرة الآراء المتنوعة إلى صعوبة اتخاذ قرارات سريعة، خاصة إذا كانت هناك خلافات أو مقاومة داخلية.
• إحباط الموظفين إذا لم تُنفذ اقتراحاتهم: إذا لم تتمكن المنظمة من تنفيذ الأفكار أو الملاحظات التي يقدمها الموظفون، فقد يؤدي ذلك إلى خيبة أمل وإضعاف مشاركتهم في المستقبل.
• إمكانية تضخيم الأصوات المعارضة: في بعض الأحيان، قد يتحول صوت الموظف إلى منصة لعرض المشكلات دون تقديم حلول، مما قد يسبب صراعًا تنظيميًا.

تحقيق التوازن بين صوت الموظف والأداء التنظيمي

لتحقيق أقصى استفادة من صوت الموظف دون التأثير السلبي على كفاءة المنظمة، يمكن اتباع النهج التالي:
• آليات منظمة لصوت الموظفين: مثل الاستطلاعات الدورية، الاجتماعات المفتوحة، وجلسات العصف الذهني.
• عمليات شفافة للتعامل مع الملاحظات: توضيح كيفية دراسة الملاحظات واتخاذ إجراءات بناًء عليها.
• تدريب القادة على الاستماع الفّعال: تحسين قدرة المدراء على التعامل مع الآراء المختلفة وتحويلها إلى فرص تطويرية.


تُعدّ مشاركة وإشراك الموظفين أدوات فعالة لتعزيز التفاعل داخل بيئة العمل، حيث تتيح الأولى لهم المساهمة في اتخاذ القرارات الاستراتيجية بينما تعزز الثانية من تحفيزهم وتفاعلهم؛ من خلال تبني ثقافة تدعم صوت الموظف بشكل منظم وفعّال، يمكن للمنظمات تحسين أدائها، زيادة الإنتاجية، وتعزيز الولاء الوظيفي، مما يحقق نجاحًا مستدامًا على المدى الطويل.

أسيل المحيميدي
مستشار بشركة ذا بروفيشنالز